"مجموعة أهم الأحداث" : كل المؤشرات الملموسة والمرئية الحاصلة الآن في ميدان الاقتصاد و المال و تتطاير شرارة الأزمة من مكان إلى مكان كأنها نار في هشيم ، تشير بأنها لن تنتهي بالخير وبالكلام العامي (مش خارجة على خير).
هذه الأزمات المالية مصادرها الأوضاع التي تعاني منها اقتصاديات الدول التي تقود العالم وبطبيعة حال الولايات المتحدة والتي أصبحت للعالم كالجسم إذا ألم بها وجعا في رأسها تألمت سائر بطون الأمم السائرة خلفها وفي فلكها ، ولا يعرف بالضبط إذا هناك بالفعل أمم خارج هذا الفلك.
ولا تأتي الأزمات الاقتصادية من العدم أو من فراغ لكنها تراكمات لمشاكل ورائها الإنسان نفسه وهو من يخلقها و يغذيها لتصبح طامة كبرى تأكل في الأخير الأخضر و اليابس.
بدايتها تكون عجز في التفكير والتخطيط السليمين واختلال في وضع أسس اقتصادية سليمة تخلو من الاحتيال و الجشع والمضاربة و الاحتكار والتوزيع الغير العادل للثروات لتتوسع دائرة الفقر والحرمان لتؤدي بعد ذلك إلى الارتفاع التراكمي للبطالة والتضخم ونهايتها الفقر و الجوع والناس "تأكل في الأخير بعضها البعض" .
وإذا نظرنا إلى الجزئيات التي تكونت منها بوادر هذه الأزمة والتي لا يعرف إلى أي مدى تأخذه ، نجدها في البداية عمليات نصب و احتيال واسعة و ممنهجة يقوم بها المضاربون وأصحاب المال والقائمون على البنوك والمصاريف وليدفع في الأخير ثمنها الناس البسطاء و الطبقة الكادحة في عمليات تسريح من وظائفهم بعد الإعلان عن الإفلاس و غلق المؤسسات ...
الكل يتذكر "أزمة الرهن العقاري" التي انطلقت شرارتها في الولايات المتحدة لتقطع بسرعة إلى الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي .
مصاريف تلاعبت بمصائر ومستقبل الناس عندما أقرضتهم وهي تعلم بأن مداخليهم الضعيفة و المتدنية لا تسمح لهم بالوفاء وتسديد تلك القروض حتى بعد رهن و بيع تلك العقارات .
وبذالك فقد الملايين أملاكهم العقارية وأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية طيلة حياتهم. ونتيجة لذالك هبطت قيم الأسهم في البورصة وجرفت معها إلى الإفلاس الكثير من شركات عقارية، وما تلاها من إخفاقات في المعالجة السليمة للازمة وبالتالي دفع الأزمة نحو عمق الهاوية...
وإذا تم إلقاء نظرة عبر التاريخ يراها الناظر سنين عجاف متداولة بين البشرية ، الإنسان لم يأخذ منها العبر آخرها ما حدث في القرن الماضي ، في الثلاثينيات وبداية الأربعينيات، أو بما سمي بالكساد الكبير واعتبرت أخطر أزمة اقتصادية عرفتها البشرية في العصر الحديث وكل البوادر تشير (و الله يستر) أنها تقرع الأبواب بقوة في هذا القرن أيضا . وإذا نظرنا إلى البوادر نجدها متشابهة إلى حد كبير .
تلك الأزمة التي وقعت في القرن الماضي ، كما يقول المؤرخون، بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر عام 1929 ، وسمي بالخميس الأسود. تأثير تلك الأزمة كان مدمرا للجميع "الأغنياء و الفقراء معا ".
وكانت تلك الأزمة من إحدى المبررات الكبرى لاندلاع الحرب الكونية الثانية لتزيدها نارا لتأكل الأخضر و اليابس واستنفذت المؤن و انقطع التموين ،حتى أصحاب المزارع الكبرى وغير الكبرى ليس لهم الحق التصرف في محصولهم الزراعي والغير زراعي والكل محجوز للمجهود الحربي.
والكل عليهم الانتظار يوميا ( الغني و الفقير) في طوابير لا نهاية لها للحصول على حصته من الخبز و لا شيء غير الخبز "الحافي" ،في غالب الأحيان لا تكفي تلك الحصة لإسكات جزء من صرخات و آلام بطون أطفال فما بالك ببطون الكبار ، وبكى الرجال قبل النساء ، وما أدراك عندما يمتزج بكاء الرجال بنحيب النساء ، أنه لأمر جلل . و فتش الناس "المزابل" و غير "المزابل" و بالفعل أيضا لم يجدوا شيئا لا قطع خبز ولا غير الخبز ...
وكلما طالت الحرب نقصت تلك الحصة ليزداد جوع الناس وتعري الأجسام وانكشاف العورات والمحظوظ من يجد "جيفة" أو أسوأ من ذالك ليأكلها...
وتفشت الأمراض من قلة الشيء و سوء التغذية لتصبح أوبئة تقتل بدون رحمة أو تفرقة وازدحمت المقابر بالرحيل اليومي للراحلين وفيضان دموع المودعين ، دموعا ليست للحزن أو التأسف على الراحلين وإنما على أنهم لم يكونوا محظوظين مثل حظ هؤلاء الراحلون ، ولسان حالهم لو كانوا هم الراقدون تحت التراب هروبا من جحيم الفقر والعوز و الجوع وعذاباته .
ووصلت الأمور بالناس القبول بزواج بناتهم و فلذات أكبادهم وهن ما زلن في السن الطفولة ، مقابل حفنة أو حفنات من الطحين لإسكات ،و لو مؤقتا ، صرخات الجوع أخواتهن الصغار ...
ولن تنسى قصة ذالك الرجل الذي قبل تزويج ابنته الصغيرة لشيخ هرم لأنه لم يجد طعاما يكفي لجميع أولاده. والمأساة لم تنتهي عند الحد ، عندما لم يجد ما يستر به عورة ابنته وهي ذاهبة "عروسا" للبيت الزوجية إلا بقايا بذلة عسكرية ربما صاحبها قضى نحبه في إحدى المعارك . ..قضت أم تلك البنت الليل كله محاولة ترقيع ما أمكن ترقيعه من تلك البذلة البالية لتكون "فستان" عرس ابنتها القاصر التي مازالت في ريعان الطفولة ...ولم تحتاج تلك البذلة لغسيل والتنظيف لأن دموع تلك الأم كانت كافية للقيام بذالك...
والكل عليهم الانتظار يوميا ( الغني و الفقير) في طوابير لا نهاية لها للحصول على حصته من الخبز و لا شيء غير الخبز "الحافي" ،في غالب الأحيان لا تكفي تلك الحصة لإسكات جزء من صرخات و آلام بطون أطفال فما بالك ببطون الكبار ، وبكى الرجال قبل النساء ، وما أدراك عندما يمتزج بكاء الرجال بنحيب النساء ، أنه لأمر جلل . و فتش الناس "المزابل" و غير "المزابل" و بالفعل أيضا لم يجدوا شيئا لا قطع خبز ولا غير الخبز ...
وكلما طالت الحرب نقصت تلك الحصة ليزداد جوع الناس وتعري الأجسام وانكشاف العورات والمحظوظ من يجد "جيفة" أو أسوأ من ذالك ليأكلها...
وتفشت الأمراض من قلة الشيء و سوء التغذية لتصبح أوبئة تقتل بدون رحمة أو تفرقة وازدحمت المقابر بالرحيل اليومي للراحلين وفيضان دموع المودعين ، دموعا ليست للحزن أو التأسف على الراحلين وإنما على أنهم لم يكونوا محظوظين مثل حظ هؤلاء الراحلون ، ولسان حالهم لو كانوا هم الراقدون تحت التراب هروبا من جحيم الفقر والعوز و الجوع وعذاباته .
ووصلت الأمور بالناس القبول بزواج بناتهم و فلذات أكبادهم وهن ما زلن في السن الطفولة ، مقابل حفنة أو حفنات من الطحين لإسكات ،و لو مؤقتا ، صرخات الجوع أخواتهن الصغار ...
ولن تنسى قصة ذالك الرجل الذي قبل تزويج ابنته الصغيرة لشيخ هرم لأنه لم يجد طعاما يكفي لجميع أولاده. والمأساة لم تنتهي عند الحد ، عندما لم يجد ما يستر به عورة ابنته وهي ذاهبة "عروسا" للبيت الزوجية إلا بقايا بذلة عسكرية ربما صاحبها قضى نحبه في إحدى المعارك . ..قضت أم تلك البنت الليل كله محاولة ترقيع ما أمكن ترقيعه من تلك البذلة البالية لتكون "فستان" عرس ابنتها القاصر التي مازالت في ريعان الطفولة ...ولم تحتاج تلك البذلة لغسيل والتنظيف لأن دموع تلك الأم كانت كافية للقيام بذالك...
وإذا نظرنا إلى الأسباب الرئيسية نجدها (أي الأزمة) نتيجة من نتائج تصرفات يد البشرية ... لكن بعد انتهاء كل ذالك ، عادت"حليمة لعادتها القديمة" ، وعاد الإنسان إلى نفس الأفعال واستنساخ نفس المسببات التي أدت إلى تلك الطامة الكبرى ... (والله يستر).
حمدان العربي الإدريسي
09.08.2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق