الحكومات العربية
التي تُعاني من الأزمات الاقتصادية المزمنة الناجمة عن اختلال في موازين خزائنها المالية عليها أن تدرس جيدا
و بعناية التجربة والطريقة التي تتعامل بها ماليزيا في الموضوع...
هذا إذا كانت هذه
البلدان فعلا لها النية في التغلب على
مشاكلها الاقتصادية ووقف أسباب الانهيارات المزمنة...
لأن اللجوء هذه الحكومات الدائم إلى سد عجزها المالي إلى المسح المتكرر
ما تبقى في جيوب مواطنيها برفع
وزيادة المباشر و الغير المباشر
للضرائب و ورفع الأسعار وتجميد الأجور وما يترتب عن ذلك من انعكاسات المباشر على
القدرات الشرائية التي تؤدي إلى الكساد...
لأن بارتفاع أسعار
البضائع والخدمات تشلل القدرات الشرائية
للفرد تؤدي إلى تعطيل سلسلة التصنيع و الإنتاج وبالتالي غلق المصانع والمصالح
الخدماتية . وما يترتب عن ذلك من تسريح
للعمال والموظفين...
وهذا ما تُعاني منه معظم البلدان التي تُعالج
مشاكلها الاقتصادية بالغوص أكثر في جيوب مواطنيها بدل البحث عن تلك الحلول بطرق
أخرى تكون أكثر موضوعية و فعالية...
يكون الائتلاف الجديد لماليزيا بقيادة الرئيس الوزراء مهاتير محمد ، الذي عاد للسلطة
بعد 15 سنة من الغياب عن طريق الانتخابات...
يكون هذا النظام المنتخب توصل إلى طرق الحل ، منها أن عائدات الدخل لن تنخفض إذا تم إلغاء ضريبة السلع و الخدمات ...
وان هذه الادعاءات
غير صحيحة و عدم كفاية الأموال ليست بسبب قلة مصدر الدخل وإنما بسبب سوء استخدام
هذا الدخل وتبديده بطرق مختلفة...
وأهم هذه الطرق
التبديد "آفة الفساد" وهدر الأموال العامة بدون وجه حق . وأول عمل قامت
الحكومة الجديدة استدعاء الرموز التي حالت حولها شبهات الفساد ، على رأسها رئيس
وزراء سابق المتهم بتبديد بما يُعرف ب "الصندوق السيادي"، التي تُشير التقارير أن مليارات الدولارات نُهبت
من هذا الصندوق...
وقد يكون هذا
الحدث هو من الأسباب التي دفعت بهاتير محمد ، البالغ من العمر 92 سنة ، العودة إلى
ساحة السياسية متعهدا بإجراء تحقيق كامل وشفاف في هذه الفضيحة...
أولى الثمرات كانت
جد مذهلة ، تم ضبط و حجز في بيت رئيس
الوزراء السابق عشرات الصناديق المحشو بالمال والمجوهرات استلزم نقلها إحضار عدة
شاحنات...
هذا ما تم كشفه و حجزه في بيت رئيس وزراء فقط ، السؤال
المطروح كم يتطلب من شاحنات لنقل ما هو مخزون في بيوت الذين كانوا محيطين بهذا
الرئيس الوزراء ...
هذا بدون التطرق لقيمة الأموال التي تم تحويلها إلى عقارات وما
شابه ذلك و تلك المهربة والمكدسة في
البنوك الأجنبية ...
خلاصة القول ،
يُمكن اعتبار ما قام الائتلاف الحاكم الجديد في ماليزيا بقيادة مهاتير محمد ،
خريطة طريق لكل الأنظمة التي تُعاني من
الأزمات الاقتصادية والتي لها نية حقيقة للخروج
منها بدون إثقال كاهل مواطنيها بمزيد من الضرائب ورفع الأسعار ...
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
10.06.2018
